ابني مراهق منعزل عنا وكئيب يقول بأنه يعاني من...

من الواضح أنكم عائلة مراعية ومنتبهة لأبنائها وتحرص على صحتهم النفسية وتقديم ما يفيدها وهذا من أكثر الأشياء التي يحتاجها الابن وتحتاجها الصحة النفسية عمومًا وأثمن هذا بكم.

ومن الطبيعي أن يخلق التنمر شرخ في الصحة النفسية للفرد مهما بلغت قوته النفسية خصوصًا عندما يكون بمرحلة المراهقة لأن المراهق يكون أكثر حساسية نفسية وأكثر اضطراب في شعوره ويكون إحساسه مضخم ولا يتعامل مع الأمور بحجمها وهذه ملامح طبيعية لهذه المرحلة تخف بالنضج والتقدم بالعمر.

وضعف شخصية ابنك سهلت تعرضه للتنمر وسهلت تأثره بهذا ما ولّد داخله الاكتئاب لأن عدم قدرته على الدفاع عن نفسه يعطيه شعور بنقص القيمة وعدم الرضا عن الذات, ومساعدة ابنك على تقوية شخصيته وتحسين روتين حياته والتعامل مع الإساءة هو مدخل لتقليل هذا الاكتئاب, ولربما أيضًا أن ما تعرض له ابنك ساهم في تعزيز الاكتئاب وأنه يعاني من اكتئاب المراهق من البداية.

واكتئاب المراهقة حالة تشمل فقدان الاهتمام بالأشياء وسيطرة الحزن والسلبية على المراهق والتعب النفسي الغير مبرر والمستمر, وقد يصيب الفرد بفعل التغيرات الجسدية أو الهرمونية التي تحدث في مرحلة المراهقة وعدم قدرته على تقبلها أو التعامل معها أو بسبب تعرضه لانتكاسة نفسية أو عاطفية, أو مروره بضغوطات نفسية وأسرية واجتماعية وأكاديمية شديدة , أو بسبب عشوائية الحياة وعدم وضوح المستقبل, أو بسبب وجود الشخص ببيئة لا تشبه اهتماماته ولا يستطيع التكيف معها, أو بسبب العجز عن إيجاد أصدقاء مناسبين أو الشعور بتفهم الأهل واحتواءهم.

وتشمل أيضًا أعراضه :

• تقلبات مزاجية شديدة
• نوبات البكاء دون سبب
• فقدان الرغبة في ممارسة النشاطات
• اللامبالاة التامة أو الإحساس الزائد بالأمور
• التفكير الزائد ونقص التركيز
• الشعور بالعجز واليأس
• ملازمة شديدة للأفكار السلبية كالموت أو الانتحار
• اضطرابات في النوم
• اضطرابات في الشهية
• تجنب الاحتكاك بالآخرين والتفاعل معهم
• الميل للوحدة والانطواء
• انخفاض مفهوم الذات ونقص الإحساس بالقيمة
• آلام جسدية كالصداع أو الم المفاصل أو الم العضلات أو الإرهاق العام الغير مفهوم أسبابه.

وللتعامل مع الاكتئاب يمكنك الاستعانة بالتالي :

• تذكير ابنك بالحوار دائمًا أن الإنسان هو المسؤول الأول عن صحته النفسية, وأن الحياة ليست وردية  وكل مرحلة من حياتنا تصاحبها صعوبات لكن يجب أن نتعلم مجابهتها ولا نسمح لها بالتأثير على صحتنا النفسية بشكل غير مناسب, ويجب أن نكون أقدر على فهم ذواتنا وما تريد ونكون أكثر إدراكا لخطواتنا وما يجب فعلا والتركيز عليه فعلا, وتأكد بأن الحوار التحفيزي الدائم سيخلق فارق بمرور الوقت.
• تشجيع الابن على مشاركتك حالته النفسية ومشاعره لتقليل عبئه النفسي وتجنب الكبت لأنه اساس تفاقم الاكتئاب ما يشعره بالدعم ويسهم في تعديل أي أفكار غير منطقية لديه, وهذا يتطلب بناء علاقة مع الابن تجعله يعاملكم كأصدقاء. حاولوا ان تتحدثوا معه عن اهتماماته/ تخرجوا لتنفيذ مهام المنزل معًا كالتسوق / قضاء وقت خاص مع الابن قدر الإمكان اسبوعيًا وتجربة شيء جديد معه سواء نشاط او طعام بالخارج او فعالية فنية وماشابه..
• تجديد روتين الحياة أكثر وتشجيع الابن على فعل أنشطة لم تعتاد عليها لتحسين المزاج وعدم استعجال النتيجة فكل شيء يتطلب وقتًا, ويمكن ذلك من خلال جعل الابن يجبر نفسه على ترك انطوائيته والخروج لممارسة نشاطات مختلفة كحفلة شواء خارج المنزل مع العائلة  أو المشي اليومي بمكان تحبونه أو اللعب مع الأطفال أو تجربة الطبخ معًا, أيضًا مشاهدة فيديوهات يوتيوب تحفييزية وتجارب لأشخاص عانوا من التنمر ما يعطيه دافعية وقدرة على تعلم كيفية مواجهة وتخفيف هذا الاضطراب.
• ممارسة تمارين التنفس العميق بشكل يومي ومنتظم لتقليل التوتر والحزن.
• تشجيعه على المشاركة بفعاليات خيرية تطوعية لزيادة الشعور بالعطاء وتجديد النظرة للحياة بإيجابية وبمنظور جديد.
• زيارة طبيب نفسي لتقييم حالتك ومدى حاجتك لعلاج دوائي مثل مضادات القلق أو الاكتئاب.
• تجنب الوحدة والفراغ لأنهما مدخل السلبية والتفكير الزائد والاكتئاب ووضع ابنك في أماكن تجعله مشغول ذهنيًا ومعرضًا للاحتكاك الاجتماعي قدر الإمكان فهذا من أهم ما سيقوي شخصيته, مثل التسجيل لتعلم لغة في مركز مختص او تعلم عزف على الة موسيقية او تعلم رياضة... وأعلم انك جربتم هذا ولكن مثلما أخبرتك كل شيء بحاجة إلى وقت للتشافي والمحاولة لا تكون لحظة سحر.
• توجيه ابنك على ان يعطي تعليمات لعقله بصوت عالي بالتوقف عن أي أفكار سلبية, ووجهه لتوطيد الصلة بالحياة والواقع بعيدًا عن الالكترونيات مثل تخصيص جزء من اليوم للرقص الحر/ رعاية النباتات وزراعتها/ التأمل بالتفاصيل الصغيرة المحيطة به/ الرسم الحر..
• تدريب الابن لنفسه على عدم التردد في قول الكلام المناسب للمواقف التي تجرحه وتستدعي الرد, ويمكن فعل ذلك من خلال تخيل سيناريوهات اجتماعية في المدرسة وغيرها امام المرآة وتدريب نفسه على كيفية الرد وكيف تكون لغة الجسد ما يحسن استجابته في الموقف الحقيقي, وبالإمكان مساعدته في تحقيق ذلك.
• عززي المحيط الإيجابي لابنك ومدى إحاطته برفاق داعمين فهذا الأمر فارق جدًا, وإذا كان لا يمتلك اصدقاء بسبب انطوائيته فساعديه على ذلك من خلال تشجيعه على الانفتاح مع الاشخاص بالمراكز والرياضات التي ستوجهينه لها/ أيضًا محاولة زيارة الاقران من الاقارب واصطحابه معك/ اقتراح عمل حفلة بالمنزل ودعوة الاقران الجيران وزملاء الدراسة والاقارب وعمل فعاليات مناسبة لاعمارهم فلربما يكون مدخل لبناء صداقات وإنعاش عافيته النفسية...
• شجعي ابنك على المشاركة في مجالس ثقافية ومجالس دينية من شأنها أن تجعله أكثر فهما لأدواره ومعنى وجوده في الحياة وقيمته ما يوسع نمط تفكيره في التعامل مع الأمور ويطرد افكاره ورغبته بالانتحار.
• بالإمكان توجيه الابن إلى القراءة عن مرحلة المراهقة أكثر وسماتها واساليب تحقيق التوافق معها لتخفيف عبء ما يمر به أيضًا إن كان لطبيعة المرحلة تأثير.