انا زوجة و ليس لدى اولاد كنت احب أمى و أبى اكثر من...

فقدان عزيز كالوالدين شيء غير هين وتجاوزه يأخذه وقتًا وصدمة الوفاة تتطلب فترة للتعافي والتجاوز فالوقت صديق الجميع, ومن الواضح من استفسارك أنك غارقة في الحنين لهم وتفكري فيهم بشكل كبير ومن الطبيعي أن يقود الشخص هذا الإصابة بالاكتئاب والذي يبدو عليك بدرجة عالية بسبب أفكار الانتحار المستمرة, وكونك أيضًا مريضة بالاكتئاب قبل الصدمة الأخيرة أحدث انتكاسة في حالتك وشرخ في صحتك النفسية في مدة زمنية قصيرة.

والاكتئاب مرض نفسي جسدي يجعل الإنسان يشعر بالحزن لفترة طويلة وغير قادر على ممارسة نشاطات الحياة ويتعطل أداءه لمهامه اليومية ويفقده رغبته وشغفه بكل شيء, أيضًا يخلق تشوه في طريق التفكير والشعور ويولّد هواجس داخل المرء ..

وتتضمن أعراض الاكتئاب:

• اضطرابات في النوم
• اضطرابات في الشهية
• الميل للوحدة والانطواء
• تجنب التفاعل مع الآخرين او الاحتكاك بهم
• أفكار سلبية ملازمة للشخص كالموت أو الانتحار
• الشعور بنقص القيمة والعجز
• نوبات بكاء مستمرة
• التفكير المفرط
• سيطرة مشاعر الحزن والكآبة عليه وعدم رغبته بممارسة النشاطات
• الام جسدية كالصداع او الام المفاصل او الإرهاق العام

ولربما أنك لهذه اللحظة رغم تقبلك لما حدث لكنك ما زلت غير مستوعبة او مدركة لوفاتهم ما يجعلك تسترسلي في تفكيرك السلبي لأن الحياة تبدأي بمعايشتها بطريقة مختلفة عما كنتِ تعايشينها بوجود والديك, ولكن تذكري أن والديك لا يريدون منك الحزن ولا تعطيل أمور حياتك وأن القدرة على مجابهة الحياة والوصول لأماكن أفضل هي رغبة الأباء الأولى لأبناءهم وبالاهتمام برغبتهم نعوض شعور عدم وجودهم بشكل فعلي, ذكر نفسك دائمًا ان الموت شيء ثابت لابد من وقوعه وأن الحزن أيضًا شيء طبيعي ولكن لا يجب أن يكبلنا ويجب أن نسعى لتجنيب أنفسنا الوحدة والفراغ قدر المستطاع, وأن الإنسان يجب ان يتعلم من تجارب الموت بأن يكون إنسانا منتجًا أكثر ومعطاء مع من حوله وداعمًا لهم ومحققًا لأهدافه الدينية والدنيوية.

أيضًا حاول أن تشتت تفكيرك السلبي وحزنك من خلال شغل انتباهك بممارسة نشاطات مع عائلتك او أصدقاءك لتحسين مزاجك فالانتباه لما بين يديك ومن حولك وتقوية الامتنان داخلك يساعد صحتك النفسية وواجب عليك تجاه من يبادرون لأجلك ويحاولون إبهاجك, أيضًا فعل نشاطات لم تعتاد عليها كاللعب مع الأطفال والمساهمة في فعاليات خيرية تطوعية وفعل شيء لوالديك كصدقة جارية أيًا كان مجالها ما سيشعرك بالبهجة وتجدد عافيتك النفسية والرضا تجاههم, ممارسة تمارين التنفس العميق بشكل يومي ومنتظم والرياضة من شأنها تفريغ طاقتك السلبية الداخلية واستعادة اتزانك الذهني, مشاركة حالتك النفسية مع شخص مقرب منك كزوجك للحصول على الدعم والتشجيع وتعديل أفكارك ومساعدتك في تذكر اولوياتك واهدافك الحقيقية وعدم تضييع حاضرك ومستقبلك وتجاوز صدمة وفاة والديك, الاستعانة بطبيب نفسي لتقييم حالتك ومدى حاجتك لمضادات قلق واكتئاب تساعدك في ضبط ما تعانيه.

وتذكري بأنك المسؤولة الأولى عن صحتك النفسية ولا يجب ان تنتظري الاهتمام فقط من الآخرين فالحياة مراحل ولن يبقى الجميع فيها لأن هذه طبيعتها ويجب ان نركز على ان يكون الوقت مع اشخاصنا الذين نحبهم مميز والا نضيعه في الاسى والحنين الضار او هاجس الفقد، بل ان نستغل الوقت معهم جيدًا قبل ان يمضي..ويجب ان تبادري للاخرين كاقتراح التنزه في الطبيعة/الخروج للمشي مع جارة او صديقة/السهر عند اخوتك ولعب التحديات والعاب الكبار وماشابه لتجديد المزاج/الخروج لتعلم لغة او حرفة في مركز مناسب فالاحتكاك ايضا بالاخرين وتوسيع علاقاتك يجعلك عاطفيًا آكثر نضج وتقبل وقدرة على إدارة عواطفك ..ولا ضرر من الاستعانة بجلسات مع اخصائي نفسي يساعدك في تعلم هذه المهارات ويتابع تطورك .

أنا أتفهم الألم الذي داخلك, ولا أقول بأن الحياة بعد وفاة الوالدين عادية وممكنة بسهولة, لكن الله لم يخلقنا للخضوع والوالدين لم يقدما الحب لنا طوال حياتهما لنقابل هذا الحب بتمني الموت وعدم السعي لإكرامهما بعد رحيلهما بالدعاء والصدقة والابتسام عند ذكرهما.

ما تمري به من حالة متعبة هو بسبب درجة عالية من الاكتئاب وتقارب وقت الصدمتين عليك وتعلقك الشديد المسبق بوالديك, لذا أنت بحاجة للوقت الكثير لتتجاوزي ما تعيشينه داخلك ولا تبخسي قيمة المحاولات النفسية الجدية كالتي تم إرشادك لها فالوقت صديق الجميع والمحاولة هي كل ما نملك كرد فعل لامتنان وجودنا في حياة مليئة بسبل تقديم الخير, اتبعي الإرشادات واصبري على نفسك أكثر, ومن الهام جدًا زيارة أخصائي نفسي لتنظيم جلسات علاجية تساعدك في إيجاد معنى للحياة وتجاوز صدماتك.