رايت نفسي في المقابر ازورها رايت امراءه اعرفها...

الأخ/الأخت الكرام: خيراً رأيت وشراً كفيت بأذن الله. 
 رؤيا المقابر المعروفة المعروف أهلها من الموتى في المنام تدل على الحق المحتوم الذي لابد منه، والمقابر المعروفة في الحقيقة تدل على الآخرة، والمقابر أمن للخائف، وخوف للآمن، والمقابر ذكرة وموعظة فمن لم يتعظ بها خسر الآخرة، والمقبرة ترمز للبكاء والأنقطاع عن الدنيا، فمن دخلها خاشعاً متعظاً دل على دخوله على أهل الخير والتقوى في الواقع، ومن دخلها لاهياً لاعباً دل على دخوله على أهل الدنيا الذين شغلتهم بزخرفها عن الآخرة. وأما إذا لم تكون مقابر معروفة لك في الواقع، ولا تعرف أهلها فهي تدل على مساكن من أصبح حاله كالموتى لتركهم طاعة الله والغرق في المعصي، فرؤية المقبرة المجهول أهلها تدل على موت القلب وخلوه من طاعة الله، فقد قال الرسول صل الله عليه وسلم: (مثل الذي يذكر ربَّه والذي لا يذكر ربه، مثلُ الحي والميت)؛ رواه البخاري، وذكر الله أي عبادته وطاعته وإقامة شرعه في حياته، فمن لم يفعل ذلك كان كالميت، وقد شبه رسول الله بيوت من هذا حاله بالمقابر فقال:( لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ ) رواه مسلم، أي أن حاله كالميت بسبب تركه لطاعة الله وكثرة الذنوب والمعاصي التي تميت القلوب، فقد يكون منام يحذر الرائي من صحبة غير صالحة تعلق معهم ولا تحسن الخلاص منهم، والقبر هو مسكن الإنسان فقد يكون المعنى بأنك لا تحي بيتك بذكر الله والطاعات، والقبر قد يكون يحذر من السجن فالمساجون كالمقبور يفني عمره فالسجن حبيس لا يقدر على الخروج، والمقبرة التي لها بابين مدخل ومخرج فهي ترمز لدنيا الرائي، وبأنك داخل في مسألة لها بداية ثم تخرج منها وتنتهي، وقد يكون إختبار لك، والزرع في المقبرة يدل على أن أهلها المعروفين بخير في أخرتهم بأذن الله، والزرع للرائي هو الرزق من المال والأبناء، والمرأة المعروفة هي ذاتها، والبكاء على الأجداد إذا لم يكون بصوت مرتفع فهو ندم على ما فات من أمور، وإذا كان البكاء بصوت مرتفع فهو تحذير من مصيبة قد تمر بها، ورؤية الشخص المجهول في المنام يدل على قدر قادم إن شاء الله ويكون القدر بحسب شكل وهيئة الرجل، فإذا كان شخص جميل ثيابها نظيفة مستور مبتسم شكله يسر له رائحة طيبة دل على قدر طيبة ورزق واسع وقرب من الله وسيرة صالحة بين الناس إذا شاء الله، والعكس صحيح، فإذا كان شخص بشع الشكل يرتدي ثياب غير نظيفة وقد تكون مقطعة قديمة أو وسخة، فهو حدث غير صالح قد يحصل مع الرائي أو المرئي له، ويكون بما يناسب الرائي وظروفه، والشخص إذا كان بلا حذاء فهو قد يدل على العزوبية، أو على التوبة، وقد يدل على وجود بدعة في الدين فالحذر، ووقت الصلاة في المنام يدل على قدوم وقت واجب عليك يجب أن تؤديه إلى أهله، وقدوم وقت الصلاة يدل على وقت الصلة ويكون بحسب ما يناسبك وظروفك فقد يكون سفر وقد يكون زواج وقد يكون وقت رد الحقوق، وطلب الوضوء في المنام يدل على السعي في التوبة والتطهر من الأثام، والوضوء في المنام يدل على الفرح وربما دل الوضوء على قضاء الحوائج، فإن كمل الوضوء دل على بلوغ قصده، وإلا فلا، والوضوء أمان من الله تعالى، ومن توضأ فإنه يستعيد شيء كان سرق له إذا كان هناك شئ قد سرق، ورؤية اليد اليمنى نحيفة جافة فهو تحذير لك من الضعف في الرزق وقد يكون ضعف في الحرفة والمهنة، واليد اليمنى قد تدل على مصدر الرزق وحال اليد يدل على حال ذلك الرزق للأسف، واليد اليمنى كذلك هي في المنام تدل على الشخص الذي تعتمد عليه في المعيشة فهو ضحيف للأسف، واليد اليمنى في المنام رجال، واليد الشمال نساء، وحال اليد يدل على حال قد يصيب أحد من الرجل القريبين منك، ورؤية القبور والأموات هي تذكرة وتنبيه من البعد عن الله وبأن الموت قدر كل حي فقد قال تعالى:﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [آل عمران: 185] فرحم الله امرأً قدَّم منَ الصالحات لتلك الحُفر، ورحم الله امرأً حاسَبَ نفسَه قبل ذلك اللحد الذي لا أنيس فيه، ولا صاحب إلا العمل، وكفى بالموت واعظًا. قال الشاعر: تَجَهَّزِي  بَجَهَازٍ تَبْلُغِينَ بِهِ يَا نَفْسُ قَبْلَ الرَّدَى لَمْ تُخْلَقِي عَبَثًا وكفى بالموت واعظًا، لمن كان له قلب أو ألقى السَّمع.
والله أعلم.