رئى زوجي ان اخيه يطفئ السيجاره في ظهره ويقول كنت...

الأخ الفاضل: رأيت خيراً وكفيت شراً بأذن الله،
في البداية أنبه بأن ليس كل ما يره النائم يعد رؤيا صالحة والتي هي رسالة من الله، فالرؤى أقسام منها: ما هو رسالة من الله يبشر بها العباد، ومنها: الحلم وهو من الشيطان وهو أضغاث أي مشاهد غير مكتملة، ومهمتها التخويف والتحزين والتشكيك والخداع، ومنها: حديث النفس وهو ما يشغل الإنسان به نفسه أو ما يتمنه أو ما يخشه فيظهر في النوم، وقد قال صل الله عليه وسلم: ( الرؤيا ثلاث، فرؤيا حق، ورؤيا يحدث الرجل نفسه، ورؤيا تحزن من الشيطان) رواه مسلم، إذاً ليس كل ما نراه رؤيا صالحة، والرؤيا الصادقة لها شروط، ومن شروط الرؤيا الصالحة أن لا تخالف مقتضى العقل السليم، ولا تخالف مقتضى الشرع الحكيم، ولا تكون نتيجة لإنشغال الرائي بمحتوى المنام، وعلى أن لا تكون خالية من التوجيه والمعاني الصالحة التي تليق بالمرسل سبحانه، لأنها رسالة من الله وليست عبث، فإذا كان فهي شئ من ذلك فقد قال الله تعالى عن مثلها: ( أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ ۖ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ) يوسف (44)، قال الطبري يعنون أنها أخلاطٌ، رؤيا كاذبةٌ لا حقيقة لها، ولعل الرائي لا ينام على السنة النبوية مما يسهل تلاعب الشيطان في المنام، فقد يكون مجرد حلم من الشيطان يسعى للإفساد بينك وبين أخيك والقاء في قلبك الشك والقلق فالحذر
ولكن لا يوجد ما يمنع بأن تكون رؤيا صادقة، ولمعرفة صدق المنام من كذبه لابد من معرفة حقيقة أخيك، وحقيقة العلاقة بينكما، فإذا كان رجل صالح يقيم دينه بفعل الواجبات وبترك المحرمات ويجتهد في الطاعات، ولا تعرف عنه غير ذلك، والعلاقة بينكما لا يوجد فيها ما يغضب الله كما يحدث في هذه الأزمنة، فهو حلم من الشيطان بما أنه يخفك من شخص صالح يخاف ربه وهو أخيك، فهو شيطان يريد أن يشعرك بالحزن ويشوش فكرك عنه فهو يكيد لك وله فالحذر، فإذا كان الوضع كذلك فهو حلم شيطاني فلا تلتفت له وليكون علاجه نبوي كما علمنا ودلَّنا النبي صل الله عليه وسلم على ما نفعله إذا رأى الإنسان في نومه ما يكرهه فقام على إثره، وهو التفل عن اليسار، والتعوذ من الشيطان، وتغيير الجنب، والصلاة إن شاء وأن لا يحدث بها الناس، وقد قال لنا: ( إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها، ولا يحدث بها إلا من يحب وإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره) متفق عليه، ولكن إذا لم يكون الحال كذلك، وكان أخيك مفرط بدينه تارك للواجبات أو يفعل المحرمات، ويعرف عنه الأذى والضرر ولا يخاف ربه ولا يحفظ القربة والإخوة بينكما، فقد تكون رؤيا صادقة يحذرك الله بها من الوثوق بشخص فاسد لا يعرف حلال من حرام، فرؤيته يطفئ سيجارة في ظهرك فهو يؤذيك في غيبتك، فالظهر هو ما يغيب عنك ولا تدري ما يدور، والسيجارة معصية وأثم، وإطفاءها بظهرك فهو أذى لك في غيبتك أو من غير ما تشعر بشئ فيه معصية وأثم يؤذيك به وقد يكون غيبة وذكرك بالسوء والشر وتشويه سمعتك، أو بفعل شئ فيه أذى وضرر فالحذر، فالشخص الذي ترك دينه ولا يرقب ربه ولا القرابة لا يستغرب منه أن يخونك في غيبتك ويتعرض لك بالأذى والرائحة الكريهة هي سيرة فاسدة تنتشر عنك بسببه، وهذا إذا صدق المنام، والحذر من إتهامه بحجة المنام فهذا لا يجوز فكما علمت فليس كل ما رأيته هي رؤيا كما سبق وشرحت لك، وفائدة المنامات من هذا النوع هي في التحذير والتنبيه،
والله أعلم.