يكاد يمسكه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا ما جاء...

السلام عليكم ورحمة الله ،
وشكرا لانضمامك الينا وثقتكم بنا.
أخي الكريم/
التحليل البلاغي للأبيات
يكاد يمسكه عرفان راحته *** ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
في هذا التعبير مبالغة، لكنها مبالغة قربها، بقوله: "يكاد" و"ركن الحطيم" ركن الكعبة جزء من جدارها، يقول: إن اليبت الحرام يحبه، إن جدران الكعبة تعرفه، إذا جاء يستلم الكعبة أو يستلم ركن الحطيم، فإن الركن يكاد يمسكه؛ لأنه يعرف يده، يعرف راحته.
والتعبير يشخص ركن الحطيم، ويجعله قادرًا على التمييز ومعرفة كف الممدوح و"عرفان راحته" أي: بسبب عرفان راحته.
يغضي حياء ويغضى من مهابته *** فما يكلم الاّ حين يبتسم
في قوله: "يغضي حياء ويغضى من مهابته" مقابلة بين الإغضاء من الحياء، وإغضاء الغير منه هيبة له.
"وما يكلم إلا حين يبتسم" كناية عن هذه الهيبة التي تقع في قلب من يراه فهابه، فلا يكلمه إلا حين يجده متبسمًا.
قد بدأها الشاعر دون تمهيد، دون تقديم والمناسبة والموقف يستدعيان ذلك؛ لأنها في رد على موقف، موقف تجاهل العارف؛ لأنه يريد أن ينكر منزلة الرجل الذي اجتمع عليه القوم، فجاء الرد هكذا:
هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ
فالذي قال: من هذا؟ متجاهلًا كان الرد عليه بهذا القول المباشر الذي لم يسبقه تقديم، ولا تمهيد:
هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ  وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
مطلع قوي مناسب، يدل على أن هذا السؤال الذي قيل على لسان هشام -كما تقول الرواية- ليس له موضع، فالذي تسأل عنه تعرفه البطحاء، والبطحاء المراد بها مكة. "والبيت يعرفه والحل والحرم" فهو علم مشهور، وإذا كانت الأرض تعرفه، والحل يعرفه والحرم يعرفه، فكيف يتأتى جهلك به يا هشام؟!
هذا ابنُ خَيرِ عِبادِ الله كُلّهِمُ  هذا التّقيّ النّقيّ الطّاهِرُ العَلَمُ
هذا ابنُ فاطمَةٍ إنْ كُنْتَ جاهِلَهُ  بِجَدّهِ أنْبِيَاءُ الله قَدْ خُتِمُوا
يمدحه الشاعر بأنه ابن خير عباد الله مشيرًا إلى نسبه إلى رسول الله وهنا نلحظ شيئًا مهمًّا في التعبير باسم الإشارة، وقد تكرر اسم الإشارة تسع مرات، وكأن الشاعر يريد أن يجسد هذه المكانة للممدوح، فالناس تقول إذا أرادت الإخبار عن عظيم: "يشار إليه بالبنان"؛ لأن العظماء الناس تشير إليهم، فاستخدم الشاعر اسم الإشارة تسع مرات، وأنت إذا قرأت الثلاثة أبيات الأول في القصيدة وجدتها جميعًا تبدأ باسم الإشارة هذا.
هَذا الّذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَه
وأيضًا /
يقول الشاعر الفرزدق مادحا علي بن الحسين (الملقب بزين العابدين) ويقول إنه إنسان مشهور ومعروف في العالم كله وخاصة في مكة المكرمة لأن جميع أقسام مكة ومناطقها تعرفه وهو يذكر هذه المعالم (الناطق) المكية في هذا البيت وهي: البطحاء والحلّ والحرم والبيت (الكعبة).ويشدد الشاعر هنا على الأماكن المقدسة في مكة مثل البيت الحرام أي الكعبة والحرم أي المنطقة المحيطة بالكعبة وهي مقدسة أيضا وهو يشير هنا إلى أن زين العابدين يرتاد أي يزور هذه الأماكن بشكل دائم أي أنه متعود على الصلاة والإيمان والتقوى.
2.   هذا البيت هو توضيح للمعنى في البيت السابق إذ يقول الشاعر بصراحة إن زين العابدين في نظره هو ابن لخير عباد الله أي أفضل الناس والقصد انتماؤه لأهل البيت وخاصة لعليّ بن أبي طالب ولزوجته فاطمة الزهراء ابنة النبيّ محمد أي انه يمت/ينتمي يتصل بصلة قرابة مع النبي محمد نفسه إذا فهو ابن خير /أفضل الناس وهو تقيّ ونفيّ وطاهر وشريف وسيد قومه والعلم هذا بمعنى سيد القوم أما لغويا فالعلم هو الجبل.
3.   هنا يتطرق الشاعر إلى حادثة إنكار الخليفة انه يعرف زين العابدين (الرجاء الرجوع إلى أسباب نظم القصيدة) ويقول له إن قولك من هذا؟ما هو إلا سؤال إنكاري أي أنك تعرفه حق المعرفة لكن هذا الإنكار لا يضر زين العابدين لأنه لا يشكل أي إنقاص من شرفه لأن جميع البرية أي العالم تعرفه فالعرب تعرف من هو زين العابدين وأيضا غير العرب يعرفون من هو.
ملاحظة/ * المقصود بسؤال إنكاري هو أن يسأل السائل سؤالا وهو يعرف إجابته.
* يستخدم الشاعر هنا الطباق بين كلمتيّ العرب والعجم أي كلمة وعكسها والهدف من الطباق هنا التشديد والتركيز على المعنى الذي أراده الشاعر وهو شهرة زين العابدين.
4.   في هذا البيت يصف الشاعر زين العابدين بأنه إنسان حليم أي يحافظ على هيبته ويكبت غيظه لذلك يقول عنه إن طبعه سهل ولا يخشى من حدة غضبه لأنه يعرف كيف يتصرف في أوقات الغضب وهذا الحلم بعينه وهو يتميز بشيئين من الزينة : زينة الخَلق وزينة الخُلق.
5.   يقول الشاعر عن الممدوح انه كريم ويساعد المحتاج فلا يرد طلبا لأي إنسان يتوجه إليه لذلك فيكاد لا يقول لا أي أن كلمة لا شبه معدومة في معجمه فهو لا يلفظ هذه الكلمة إلا في موقع واحد وهو عند قوله الشهادتين (اشهد أن لا اله إلا الله واشهد أن محمدا رسول الله) فهذه هي أل (لا) الوحيدة التي يذكرها ولو لم تكن موجودة في الشهادتين لما قالها.
6.   هذا البيت يدعم البيت السابق من حيث المعنى فيقول إن إحسانه (الكرم والمساعدة) قد عمّ/شمل العالم كله ويشبه هذا الإحسان بالنور الساطع الذي يزيل الظلمات والفقر عن العالم.
7.   هذا البيت هو ذروة/قمة الوصف والمدح بشأن الكرم لأنه يصرح بأن هذا الإنسان الذي ينتمي إلى أكثر الناس كرما أي قبيلة قريش يقول إنه أكثرهم كرما حتى بشهادة قبيلة قريش فهذه القبيلة تصرح بواسطة الناطق بلسانها أن الكرم ينتهي بزين العابدين.
8.   يعتبر هذا البيت من أجمل الأبيات في الشعر من حيث وصف الهيبة/الحضور فيقول انه إنسان محافظ وأخلاقيّ فهو يخجل من الناس فيطأطئ رأسه خجلا إذا ما واجه الناس لكن هذا الخجل لا ينبع من ضعف شخصية إنما من منبع الأخلاق لأنه إنسان مهيب أي يتمتع بهيبة كبيرة لذلك لا ينظر بوجهه أحد من الناس مهابة فلا يجرؤ أحد أن يكلمه إلا عندما يتبسم.
نتمنى لك التوفيق
يمكنك الإستفسار في أي وقت وسنقوم بالرد عليك في أسرع وقت ممكن.
كما يمكنك استخدام جلسات المتابعة معي على الهاتف إذا كنت ترغب في الحصول على جلسة الهاتف، سيكلفك رسوم بسيطة للمكالمة، إضغط على هذا الرابط لحجز جلسة الهاتف:jawabkom.com/7041054
يسعدنا تواصلكم دائما، ويمكنك أيضا استشارة العديد من الخبراء على جوابكم، كالمحامين، واخصائيوا التغذية، والمهندسون، وغيرهم.
خالص تحياتي
طلال مصباح